تركيا تصارع كارثة كبرى. حتى عبارة "كارثة العصر" لا تكفي لوصف الدمار الذي شهدناه. ولمواجهة مثل هذه الكارثة، نحتاج إلى أن نكون على قلب واحد وجسد واحد.
إننا نجد أمتنا قد أظهرت روح الوحدة والتضامن منذ اليوم الأول لوقوع الزلزال. ولولا هذا التضامن، لما تمكنا من الوصول إلى هذه المرحلة في غضون 25 يوما.
ومنذ اليوم الأول لوقوع الزلزال، كان أيضا لدى البعض أنشطة وتصورات مختلفة. لم نخاطبهم ونرد عليهم حينها كي لا نُفسد تضامننا ولا نؤرق وحدة أمتنا. وعلى أي حال لم يكن لدينا الوقت الكافي والطاقة اللازمة لحشدها ضدهم. في الواقع، ما زلنا نعيش نفس الحالة. ولكن في هذه المرحلة، أصبح من الضروري كتابة وتسجيل بعض الملاحظات.
ذهبت إلى منطقة الكارثة مرتين، سواء خلال الفترة التي كانت فيها عمليات البحث والإنقاذ جارية لانتشال المواطنين وهم على قيد الحياة، وخلال الفترة التي بدأت فيها أعمال إزالة الأنقاض. في كلتا الزيارتين ذُهلت بشكل كبير من حجم الكارثة. ولكن بفضل آلاف المتطوعين من عشرات المنظمات المدنية التي رأيتها على الأرض، تعزز إيماني بأن هذه الجراح ستلتئم.
ونحن مدينون بشكل كبير للمنظمات المدنية التي حشدت قواها خلال الزلزال. جميع المنظمات المدنية كانت على الأرض ولهذا السبب كانت تقاريرنا الأخبارية تحت عنوان "كانوا جميعا هناك". ولم نقم بأي تمييز بينهم. قمنا بكتابة التقارير ونقل أنشطة المنظمات المدنية جميعها، مثل: جمعية دعم الحياة المعاصرة وجمعية أحباب، وجمعية "الفكر الأتاتوركي" وجمعية "أكوت"، وهيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات IHH ومؤسسة "تقوى".
حسابات الفوضى فوق جراح الأمة!
بالطبع ستكون هناك انتقادات، وسيتم التحدث عن أوجه القصور، وهناك من سيعارض... حتى إننا نحترم الذين يقولون، "هل يمكننا الحصول على أصوات من خلال كارثة الزلزال؟" لكن النقطة التي تم الوصول إليها تجاوزت كل هذا.
فهناك من يريد أن تتعمق جراح الأمة ومن يسعى لخلق حسابات الفوضى من خلال هذه الجراح. في الأيام الأولى لم نأخذ هذا الأمر في عين الاعتبار.
إنهم ما يزالون يواصلون زيادة خيانتهم يوما بعد يوم. ففي اليوم الأول، حاولوا الادعاء بأن الجمعية المعروفة باسم "أحباب" أفضل من إدارة الكوارث والطوارئ آفاد. وهناك اداعاءات غير معروفة أطلقتها ما تسمى قناة Babala.
ولاحترام حرمة الموتى، والذين كانوا يساعدون ضحايا الزلزال لم ننظر إلى ما كان يفعله أي شخص، وما كانوا يدَّعونه من مزاعم. لم نخبر أحدا بأي أمر سوى الأكاذيب التي روجوا لها والتي من شأنها أن تعرض جهود الإنقاذ للخطر، مثل "انفجار السد".
يبدو أن الهلال الأحمر يُستهدف من خلال مسألة "مبيعات الخيام". عندما ننظر إلى ما هو مكتوب، وما يقال، وما يتم القيام به، نجد أن الهدف أكبر من ذلك الأمر.
لتلخيص الحادث بإيجاز: اشترت مؤسسة "أحباب"، التي زعموا أنها أفضل من إدارة الكوارث والطورائ آفاد، خياما من الشركة التي تنتج خياما للهلال الأحمر التركي لتلبية حاجتها من الخيام. فقالوا "لماذا باع الهلال الأحمر التركي الخيام"؟.
لماذا أنتم منزعجون؟ فوفقا لادعائاتكم، لا تستطيع آفاد توزيع الخيام، و جمعية أحباب تفعل ذلك بشكل أفضل.
إذا سُئل "لماذا باعوها مقابل المال؟": نجيب ولماذا يجب أن يتم منحها مجانا، فجمعية "أحباب" ليست جمعية متطوعة ضمن الهلال الأحمر التركي ... يقولون: "لنتبرع بالمساعدات لجمعية أحباب، لنحصل على الخيام من الهلال الأحمر مجانا" ... هل يوجد شيء مثل هذا القبيل. إذا كان الهلال الأحمر سيوفر خياما مجانية، يمكن للجميع جمع المساعدات وتوزيع خيام الهلال الأحمر مجانا.
إنهم يعرفون الكوارث التي يحاولون إثارتها!
المشكلة الرئيسية هي أن الذين لم يرغبوا في مساعدة الهلال الأحمر التركي أو الذين كانوا غير مرتاحين للمساعدات المقدمة للهلال ساعدوا جمعية أحباب. اشترت جمعية "أحباب" خياما من الهلال الأحمر بهذه المساعدات. بطبيعة الحال، هم يعتقدون أن أموالهم ذهبت إلى الهلال الأحمر، الذي لم يرغبوا في مساعدته.
في اليوم الأول لوقوع الزلزال، بدأ بعض الأشخاص يتحمسون أثناء مشاهدتهم التلفاز وهم جالسون على مقاعدهم الدافئة ويرددون: "سيرحل أردوغان سيرحل بالتأكيد هذه المرة". لكن القلق انتابهم في اليوم الثاني عندما بدأت تلتئم الجراح، ومن ثم بدأ الغضب لديهم يحل مكان القلق. وأثناء إنشاء أماكن معيشة مؤقتة كالخيام والبيوت المسبقة الصنع، ووضع ضحايا الزلزال في الفنادق والمهاجع، اشتد غضبهم أكثر.
ومع بدء العمل الفوري للإسكان الدائم، والوعد الذي قدمه أردوغان في إعادة البناء في أقل من عام، تسبب ذلك في إصابتهم بالجنون، حيث كانت لديهم أحلام كبيرة بأن تبقى تركيا تحت الأنقاض، وبأن الدولة ستنهار، وسيتم إنقاذ تنظيم بي كي كي الإرهابي، وسيعود تنظيم غولن الإرهابي.
يوزع الهلال الأحمر التركي ثلاث وجبات يوميا على 2.5 مليون شخص. لنترك التكلفة جانبا، لأنه من المعيب حتى حساب ذلك... إن الذين يريدون تأليب الشعب على الهلال الأحمر التركي الذي يقدم الخدمات بشكل تطوعي لـ 2.5 مليون شخص، هم على دراية بنوع النار التي يلعبون بها. لأنهم يعرفون جيدا الكوارث التي يحاولون إثارتها.